ابني في السابعة من عُمره، وفي مرّات ليست قليلة عندما يصحو من النوم يشتكي أنه قد رأى كابوسًا، وغالبًا ما تتركز كوابيسه عن فقد الأم أو ضياعه بعيدًا عن العائلة أو هجوم وحش عليه.. فهل هذه الكوابيس طبيعية؟ وكيف أساعده ليتخلص من آثارها؟ فاليوم الذي يرى فيه كابوسًا يكون عصبيًّا على رفاقه، وربما عنيفا في بعض الأحيان؟
الإجابة:
الكوابيس لدى الأطفال تُعد من الأمور الشائعة والمعتادة، وكلما كان سن الطفل صغيرًا، صعب عليه فهم كونها مُجرّد أحلام، كما صعب عليه التفرقة بين ما هو حلم وما هو واقع، وبالتالي لا يستقبل الأمر كما نستقبله نحن الكبار.
والسبب في تكرار هذه الكوابيس لدى الطفل يعود إما لوجود بعض المخاوف أو الظروف الصعبة التي مرّ أو يمرّ بها، كفقدان شخص مقرّب أو تعرّضه للتنمر أو لمشكلات في محيطه، أو قد تكون نتيجة لاستخدام العنف في التعامل معه. أو ربما كثرة تعرضه لمشاهد عنيفة إما في نشرات الأخبار أو أفلام الكرتون وغيرها.
على كلّ فمثل هذه الكوابيس، خصوصًا المتكرر منها مهمة أحيانًا لفهم حالة الطفل وربما الأفكار والمشاعر التي تدور داخله. كما أننا نتحدث عن الأسباب المحتملة لمحاولة معالجتها وحلها إن تواجدت. بحيث نعمل على زيادة مساحة الشعور بالأمان لدى الطفل، على سبيل المثال إن كان الطفل يُعامل بعنف وقسوة فيجب التوقف عن هذا فورًا، ولا بد من قطع علاقته بأي شخص يسبب له الخوف إذا كان من دوائر بعيدة، أو إيجاد حل وطريقة مختلفة إن كان من الدوائر القريبة. كذلك إن كان السبب هو كثرة مشاهدة التلفاز فلا بد من تقليل التعرض للتلفاز وتنقية ما يسمح له بمشاهدته.
أما عن طريقة التعامل مع الطفل في حال تعرضه إلى مثل هذه الكوابيس، فمن المهم ابتداءً الاهتمام بالوقت الذي يسبق وقت النوم مباشرة، بحيث يكون وقتًا هادئًا لا يشاهد فيه التلفاز، ويُروى فيه للطفل حكاية، وأن يكون فيه الطفل قريبًا من الأم حتى يشعر بالأمان، لأنّ الوقت السابق للنوم مباشرة قد يُؤثر على طبيعة النوم طوال الليل.
ومن الضروري أن يتم استيعاب الطفل في حال مشاهدته لهذه الكوابيس بشكل جيد واحتضانه ومحاولة تهدئته، ويجب ألا يكبت الطفل أو يساء الإنصات إليه، حتى لا تكبر بداخله هذه المخاوف.
كذلك من المهم بعد سماع الطفل صرف تفكيره عن الأمور السيئة إلى أخرى جيدة بطرح أسئلة مختلفة أو التحدث إليه عن أمور مُحببة تصرف ذهنه عن التفكير في هذه الأحلام المُزعجة.
ويجب أن يُعلّم الطفل كيف يتصرف عندما يتعرض لشيء كهذا، كأن نعلمه أن يُكرر ذكرًا بعينه، أو أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، أو أن نُشغّل بعض آيات القرآن الكريم، أو أغنية مفضلة له حتى يجتاز مرحلة التفكير في الكابوس ويعود إلى النوم مرة أخرى، أو أن نتفق معه على الذهاب وشرب القليل من الماء أو الذهاب لإخبار أمه، أيًا ما يكون، المهم أن يجري الاتفاق معه على تصرف بعينه.
وإذا كان الطفل يُشاهد كوابيس بشكل متكرر فمن المهم أن تكون حجرته قريبة من حجرة الوالدين بحيث يُمكن سماعه في حال استيقظ في منتصف الليل، كما يجب أن يكون هناك ضوء كاف يساعده للوصول إلى حجرة والديه إن احتاج إلى ذلك.
كما أن النوم في الظلام من شأنه في حد ذاته أن يُثير مخاوف الطفل ويكون مهيئًا لرؤية الكوابيس نتيجة الشعور بالخوف. كذلك بعض الأطفال يخافون إذا أغلق عليهم باب الحجرة، وبالتالي فالأفضل ترك باب حجرة الطفل مفتوحًا كي يتمكن الوالدان من متابعته جيدًا.
وبشكل عام يجب أن نُعرّف الأبناء الفرق بين ما هو خيالي وما هو حقيقي، فعندما يتحدثون عن أمور لا تحدث في الواقع، من المفيد أن نؤكد لهم ذلك، ومن ثم يدركون أن مثل هذه الكوابيس هي جزء من عالم الخيال.
كذلك التعرض للكوابيس فرصة لتعليم الطفل أن هناك آدابًا وسننًا للنوم يجب مراعتها، فقد يكون بعض ما نراه في منامنا من الشيطان، ومن هذه الآداب النوم على وضوء، والنوم على الشق الأيمن، وتعليمه أذكار النوم ودعاء الأرق وتلاوة المعوّذتين والإخلاص قبل النوم ثلاثًا، وآية الكرسي التي ما قرأها أحد قبل النوم إلا جعل الله عليه حافظا، ولا يقربنه الشيطان حتى يصبح، والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم بعد رؤية المنام السيء، ويا حبذا لو كانت أذكار النوم مكتوبة ومعلقة بجوار مكان نوم الطفل.
وإذا كان سن الطفل يسمح فلا بد من تعليمه ما علمنا إياه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بخصوص الرؤى السيئة فقد قال- صلى الله عليه وسلم- “الرؤيا الحسنة من الله، فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدّث به إلا مَن يحب، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان وليتفل ثلاثًا ولا يحدّث بها أحدًا فإنها لن تضره” (البخاري).