لدي موضوع معقد جدًا
في وقت سابق، ذهبت لامرأة ونقلت لها كلامًا قيل فيها، وكانت حاملًا، وفوجئت بأنها أجهضت حملها عشية اليوم الذي نقلت لها فيه الكلام.
أنبني ضميري وظننت أنني السبب؛ لكنها أكدت لي أنني لست السبب الأساسي في الموضوع، وطلبت منها السماح وسامحتني.
السؤال: هل أنا مذنبة؟ وإذا كنت كذلك فكيف أكفر عن ذنبي؟
ما نيتك في نقل الكلام؟!
ما أكثر الذين يتهمون الناس بهتانًا وزورً، .فهل نمشي ننقل للناس كل ما نسمع عنهم؟!
كفى بالمرء إثمًا أن يحدث بكل ما سمع!!
والشرع ينهى عن نقل الكلام، ويسمى من يفعل ذلك مشاءً بالنميمة، خصوصًا إذا لم تدعه ضرورة لنقل الكلام، أو من يفعل ذلك بقصد الإفساد بين الناس!والاستغفار والتوبة والكف عن هذا الفعل المحرم هو ما يجوز في حقك.
يرى البعض ضرورة لنقل الكلام، فينبغي حينها (إن تأكدت الضرورة) عدم التوسع في النقل،
وعدم تعيين أو تسمية الشخص إن أمكن، وإذا رأى الناقل ضرورة ذكر الاسم؛ فكل ضرورة تقدر بقدرها، ويجب علينا النظر في مآلات الأمور وحساب التبعات، كما حدث معك!
فتوقيت النقل وطريقته يسبقهما النية، وأمور يجب أخذها في الاعتبار قبل الحديث، فقد أمرنا شرعًا أن نقول للناس حسنًا، وأن نختار أطايب الكلم كما نختار أطيب الثمر، حتى وإن قررنا نقل الكلام لضرورة معتبرة، فنلزم حسن التصرف في النقل وعدم الزيادة على الحاصل، وعدم تأويل الكلام، هذا في حال الاضطرار.
أما إذا سمعت في حق من تحب شيئًا، فالأوجب علينا بدلًا من نقل الكلام إليه، أن ندافع عنه، كما علمنا المصطفى صلى الله عليه وسلم: “مَن ردَّ عَن عِرضِ أخيهِ ردَّ اللَّهُ عن وجهِهِ النَّارَ يومَ القيامةِ” (صحيح الترمذي)، فمن سمع ما لا يسر في حق أخ له، وجب عليه الدفاع عنه، ورد غيبته، فهو أولى من نقل الكلام، وإيغار الصدور!
وعنه صلى الله عليه وسلم قال: “ما من امرئ يخذل امرءا مسلما في موطن يُنتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته، وما من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته” رواه أحمد (16415) وأبو داود (4884) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (5690).
هذا هو النهج القويم حينما نسمع ما يؤذينا في حق أحبابنا، غفرالله لنا ولك، وأخلف صديقتك خيرًا فيما فقدت من جنينها، وما أوذيت في شرفها.
وحدوث تلك التبعة من نقل الكلام تجعلنا نمسك لساننا عن القول إلا في حدود المصلحة، فمن أسباب قطع العلاقات وحدوث المشكلات وشحن النفوس (نقل الكلام)، عفا الله عما سلف، وجزى صديقتك خيرًا أنها لم تلمك وتتهمك بأنك السبب، فهذا من إيمانها بالقدر خيره وشره، ولن يؤخر الشعور بالذنب شيئًا مما حدث، فيكفي أن نقف موقفًا ننوي فيه ألا نقع في هذا الذنب أبدًا، والله تعالى أعلم.